سيّدتي قد تشتكين بأنّ زوجك أهملك أو تركك من أجل امرأة أخرى، تأنّين وتتألّمين
وتشعرين بالحيرة والتّساؤل والحزن والإحباط والاكتئاب، وبالطّبع معك حقّ، فالتّرْك والهجر يسبّبان ألماً كبيراً، ولكن مع الأسف أحياناً كثيرة تكون المرأة هي السّبب في هجر زوجها لها. هناك ثلاث أخطاء ترتكبها المرأة عن غير قصد تتسبّب في ابتعاد الزّوج عنها. ومن هذه الأخطاء:
الشّكوى والنّقد الدّائمَين:
اعتادت سامية على استقبال زوجها العائد من عمله متعباً، بصَيحة استنكار بخصوص هذه المشكلة أو ذلك القرار، حتّى بدأ يكره العودة إلى البيت كلّ يوم، لأنّه بات يتخيّلها كأسد زائر مستعدّة للانقضاض عليه. ذات مساء قبل أن يضع حقيبته على الأرض، انقضّت عليه قائلة: "أنا سمعت ما قلته لعائلة رشيد في حفل الشّركة وفكّرت فيه اليوم كلّه". ضغطت كلماتها على معدته حتّى كاد يختنق، لكن صوتها الحاد تابع اختراق أذنيه: "عادل، لِمَ لا تصغي أبداً إلى ما أقول؟ أريدك أن تتّصل بعائلة رشيد على الفور وتدعوهم إلى العشاء الأسبوع القادم، علينا مصادقتهم، إن أردت في حياتك أن تنتقل إلى أيّ قسم من أقسام الشّركة". فكّر عادل في نفسه قائلاً: "لا أستطيع أن أصدّق بأنّها تظنّ بأنّي أطرش، لمَ تستمرّ في الضّغط عليّ هكذا؟. ألا تعتقد بأنّ لديّ ذكاء كاف وقدرة على التّفكير تمكّنني من القيام بالأمور الصّحيحة، ألم تكتفي من كلّ تلك النّصائح التي تمطرها عليّ؟". سيّدتي، غالباً ما يفسّر الرّجُل ترأُّس زوجته عليه وإمساكها بزمام الأمور في البيت، كنوع من قلّة التّقدير والاستحسان لما يقوم به ويفعله، وهذا محبط له ولها إلى درجة كبيرة. في كلمة الله في الكتاب المقدّس في رسالة بولس الرّسول إلى أهل أفسس 5: 22
.
إحدى التّفسيرات لهذه الآية هي: "اسمحي لزوجك أن يعتني باحتياجاتك، تماماً مثل سماحك للرّبّ بأن يحبّك". وعلى هذا، أشجّعك سيّدتي بأن تسمحي لزوجك، بأن يمسك بزمام الأمور، قومي بتشجيعه من خلال الثّناء على ما يفعل، بكلّ خضوع وتواضع دون الضّغط عليه، يمكنك توجيه كلمات إيجابيّة له. كما أنّ إلقاء فيض النّصائح عليه سيُشعره بعجزه وبرفضك له ولما يفعل، وبالتّالي بعدم تقديرك واستحسانك.
أخذ القرار عنه، دون العودة إليه:
هناك طريقة أخرى قد تنفّر الأزواج من زوجاتهم، وهي حين تأخذ الزّوجة القرار عن زوجها في أمور تتعلّق به. وهكذا تُعلن الزّوجات دون أن يُدركنَ عن عدم ثقتهنّ بقرارات أزواجهنّ، من خلال التّشكيك في قدرتهم على أخذ القرار، وبالتّالي مصادرة مشاعرهم أو رغباتهم. كأن تنتقد إحدى الزّوجات بذلة زوجها التي اشتراها من التّخفيضات أو توزّع ما في خزانته من ثياب على الفقراء - بهدف التّجديد والتّغيير - دون الرّجوع إليه، أو تتجاهل رغبته في زراعة شجرة صنوبر في مدخل المنزل وتزرع شجرة ورد بدلاً من ذلك. إنّ صبرك على زوجك وإنصاتك إليه بتركيز وإصغاء، يمكّنُك من إدراك ما يريد قوله لك، ويعطيه الفرصة للتّعبير عن رغباته. قد تجدينه الآن، يُتمتم خلف الجريدة طالباً طبق مكرونة كالذي اعتادت والدته على تقديمه له، مع كوب من عصير الفاكهة، التقطي عبارته الهادئة وجهّزي طلبه. ما ستفعلينه سيعطيه رسالة واضحة عن محبّتك وقبوله وتقديرك له، وبالتّالي سيدرك كم يساوي بالنّسبة إليك. أمّا لو كان طلبه واضحاً ومسموعاً وكان لسان حالك يقول لن أفعل، سيدرك بأنّ رغباته عندك لا قيمة لها، وسيتسرّب الاستياء جنباً إلى جنب مع شكّه في محبّتك له إلى داخل نفسه، وسرعان ما سيبذل جهداً لا شعوريّاً ليزيل الأشياء التي تسرّك وكأنّه يردّ عليك بالمِثل قائلاً: "حسناً أنا أعرف ما تريدين، لكنّي لا أريد أن أعمله". ألست معي سيّدتي في أنّ هذا هو حال الكثير من الأزواج؟ وليس هذا فقط، بل يجب أن تكون استجابتك لرغبة زوجك مقرونة بالحبّ، حاولي تعلُّم الطّريقة التي تطهو بها والدته، وكدليل على حُسن نواياكي، اكتبي عشرة أشياء على الأقلّ تعتقدين بأنّها هامّة لزوجك وحاولي تطبيق واحدة أو اثنين منها في الأسبوع القادم. إنّ أفضل طريقة تحصلي بها على قائمة كاملة بما يريد منك فعله، هو أن تسأليه: "حبيبي أودّ أن أجلس معك وأكتشف الأمور الجوهريّة الهامّة بالنّسبة إليك في هذه الحياة". ربّما تمدّك إجابته بقائمة طويلة من الطّلبات قد تستمرّ حتّى بعد سنّ التّقاعد.
التّصحيح الدّائم وعدم إعطائه الفرصة للكلام:
أمّا الطّريقة الثّالثة التي يمكن أن تنفّري بها زوجك منك، وهي الطّريقة الأكثر شيوعاً والتي من خلالها تُظهر الزّوجات عدم قبولهنّ لأزواجهنّ، هو التّصحيح الدّائم لأيّة جملة يقولها والقيام بمناقضته على طول الخطّ. كمِثل: "لا لم يكن الأمر هكذا بل كان هكذا ...". سيّدتي، لا يوجد رّجُل على هذه الكرة الأرضيّة يرحّب بالعيش مع أُمّ العُرّيف، لا يوجد رجل يمكن أن يفرح بتدخّل زوجته ومناقضتها لكلامه وتعديل ما يقول بشكل دائم. عندما أتى إليّ جورج وديانا ليأخذا منّي مشورة زوجيّة، كانت هي أكثر الاثنين حماساً، وعلى هذا لم تُجب على الأسئلة الموجّهة إليها فحسب، بل وعلى تلك الموجّهة إلى زوجها أيضاً. "والآن يا جورج ما هي وجهة نظرك في هذا الموقف؟". وقبل أن ينطق جورج بحرف واحد كانت ديانا تقاطع ردّه قائلة: "إنّه سيقول شيء ما عنّي، لكنّه لن يكون حقيقيّاً لأنّه عادة ما يبالغ". وأنا بسبب أمور كهذه كنت أتضايق في جلسات المشورة، لكن في هذه المرّة بدأتُ أغلي من الغيظ، سألت جورج: "ما هي المشكلة في رأيك؟". أجابت ديانا: "أعتقد بأنّه لا يقضي أبداً أيّ وقت معي". ومرّة بعد مرّة أجابت ديانا عن كلّ الأسئلة التي وجّهتها إلى جورج، وليس هذا فقط، لا بل وحين كان يتكلّم عن نفسه كانت لديانا اتّهامات ضدّ ما يقوله، اتّهامات أخجلت جورج. وهنا جالت في ذهني أسئلة عديدة محيّرة، مثل هذه: هل هذه المرأة صمّاء؟ أم أنّي أسأت فهمهما حين قدّما نفسيهما، هل كان اسمها جورج واسمه ديانا؟. سيّدتي: وجّهي لزوجك أسئلتك بمحبّة وبعطف وقبول لتجذبيه إليك. انتظري حتّى يجيبك وأعطه الفرصة ليعبّر لك عن نفسه. امدحيه عن كلّ فكرة صادقة عبّر فيها عن نفسه، حتّى وإن لم يعجبك ما قال "يكفيه أنّه كان صادقاً". اكتبي قائمة بالطُّرُق التي ناقضتي بها زوجك مؤخّراً، وخذي عهداً تامّاً بين نفسك وبين الله بأن تسعي لتتغلّبي عليها، وألّا تفعليها في المستقبل. في كلّ مرّة تتعرّضين فيها لتجربة مناقضته أمام الآخرين، اكبحي نفسك ثمّ ضعي ذاتك مكانه وتخيّلي الخجل الذي سينتابه. سيّدتي يمكنك من خلال الحبّ والتّشجيع والإنصات لزوجك، صنع أعظم رَجُل في التّاريخ، ويمكنك من خلال الأنانيّة والتّسلّط والكبرياء تدمير أعظم رَجُل في التّاريخ.
عن كتاب زوجة أَم صديقة
لجيري سموللي/ بتصرف
لحياة زوجية سعيدة أدعوكِ عزيزتي الزوجة أو الشابة المُقبلة على الزواج لزيارة المواضيع التالية: