ارتفعت الصّرخات، اتركوه اتركوه!
اتركوا رئيسنا الذي حكم طوال هذه الأعوام الثّلاثين.
هذه صيحات حدثت أثناء المطالبة بإقالة الرّئيس،
وكان السّؤال المهم، هل هذه المطالبة لأنّ الرّئيس وأعوانه صالحين؟ والإجابة دائماً تكون:
- لا.
- إذاً لماذا؟
- لأنّ الذي تعرفه أفضل بالتّأكيد من الذي لا تعرفه!.
في الواقع موضوع الخضوع للسّلطات ظاهرُه طاعة وباطنُه خوف وخنوع وتردُّد، والكتاب المقدس لم يأمرنا أن نقبل الذّلّ والمهانة، وأن نترك الآخرين يسرقوننا بدعوى أنّنا نخضع للسّلطات.
ولكنّنا خَنَعنا، استسلمنا للرّشوة وغيّرنا اسمها إلى إكراميّة، أَسْكَتنا رغبات مكبوتة في الصّراخ أننا نُسلَب ونُسرَق في وضح النّهار وتضيع كلّ حقوقنا، ومع هذا لا نريد التّغيير.
لماذا؟
لأنّ البديل هو المجهول وبالتّالي فهو مخيف، وربّما يحوِّلنا لإيران أو أفغانستان أو عراق آخر أو ربّما صومال. هذا الخوف هو صَنيعة النّظام القديم، بل هو استخدم هذا الأسلوب للسّيطرة علينا.
الدّستور يعطي الحقّ لكلّ إنسان أن يقول لا للظّلم، لا للرّشوة، لا للسّرقة، وكلمة (لا)، لا تتنافي مع الخضوع الذي يأمرنا به الكتاب المقدّس.
ولكن ما معنى الخضوع للسّلطات؟!
معناه أن أكون ملتزماً بالقوانين، ألاّ أكسر أيّ قانون، ألاّ أسرق وألاّ أرتشي تحت أيّ مبرّر، وأؤدّي العمل المطلوب منّي بكلّ أمانة وشرف. هذا هو الخضوع الذي يطلبه الكتاب المقدّس.
أمّا الخنوع، فهو أن أرى غيري يفعل الشّرّ وأخضع له، وأكون ضمن منظومة الفساد العامّة، غير مختلفٍ عنهم. وهذا ما كان يحدث في مجتمعنا، فنجد المؤسّسات مكتظّة بالفاسدين، وبها المؤمنين صامتين. معادلة صعبة، ولا تُرضي الله.
كثيرون منّا غاضببون وصامتون، لأنّ أصحاب المصلحة أقنعونا أنّ المجهول سيّء والذي تعرفه أفضل من ذاك الذي لا تعرفه.
كلّ هذه التّحليلات في وضعنا الحالي الذي نعيشه، ذكّرني كثيراً بالسّيّد المسيح وحَملته الانتخابيّة للسّيطرة على الحياة.
عندما بدأ دعوته كانت القلوب قد امتلأت بِخِدَع إبليس، بكلّ ما فيها من فساد، ولكن يسوع كان يقول: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثّقيلي الأحمال وأنا أريحكم ... تعلّموا منّي فتجدوا راحة لنفوسكم". المسيح يطلب السّلطان على الحياة ليكون الملك الجديد فيقول:
- اتبعني!.
اختاروا باراباس، الرّجُل الذي أحدث فتنة وقتل كثيرين، لماذا اختاروه؟ لأنّ هذا الرّجُل خطّته الانتخابيّة تتناسب مع تطلّعاتهم، هم يريدون كرسي داود ... بغضّ النّظر أن يكون إله داود هو إلههم ومليكهم، لذلك رفضوا الصّالح ليبحثوا عن الفاسد!!، أرادوا الرّجُل الذي قال سأسلِبَكم وأُثير الفتنة في وسطكم وأُحقق أيضاً أحلامكم بأن أُريحكم من الرّومان!!،
فقالوا نريد باراباس!!.
وأمّا يسوع فليُصلَب.
من وحي هذه الثّورة أقول إنّنا كثيراً ما رحّبنا بشخص مثل باراباس الذي يثير الضّغينة ولا يعطي السّلام، وصلبنا يسوع مليكنا المحبوب الذي له كلّ المجد.
المسيح له كلّ الكرامة يريد أن يغيِّر القلب ويسيطر عليه بالكامل، عوضاً عن ذلك الفاسد الذي يسيطر على القلب الآن، فهل تطيح بالملك الفاسد من حياتك؟
الثّورة المصريّة تشجّعت ونزعت عنها الفساد، رفضته. فهل تجرّب أن تعطي الملكوت لذاك الذي يغيّر حياتك بالكامل.
ستكون أنت المنتصر مع الله وإلى الأبد. هللويا آمين.