صدق من قال قديماً إنّ اختيار الرّفيق أهمّ من اختيار الطّريق.
كثيراً ما تأخذنا الحياة بينما تمرّ الأيام عبر دروب لم نعهدها ولم نألفها. وفي الواقع من الحكمة أن ندرك أنّنا من المستحيل أن نعرف أو نتوقّع تفاصيل مستقبلنا بالكامل لأكثر من عام أو عامين على الأكثر.
وحتّى تلك التّوقُّعات قصيرة الأجل كثيراً ما تفشل بفعل المرض، أو السّفر، أو تغيّرات ظروف الحياة، التي لا تكفّ عن التّدخُّل مع مسارات خططنا لتعلّمنا أنّ "السّماء سلطان" وأنّ الله العلي "متسلّط في مملكة النّاس"، وأنّنا مهما خطّطنا ودبّرنا تظلّ اليد العليا لله ويظلّ أماننا الأعظم لا في معرفة مستقبلنا بل في الإمساك بيد ذاك الذي معه أمرنا.
خطّته لحياتنا لا تقتضي أن نعرف تفاصيل ما سيحدث لنا في الغد بل تقتضي فقط أن نعرفه. لذا عزيزي فالرّفيق الذي أتحدّث عنه هنا ليس شريكة حياتك، بل هو الله، إله حياتك!.
نعم هذه هي الخطوة الأولى التي عليك القيام بها قبل أن تختار شريك حياتك: أن تطلب وجهه ورفقته ومشيئته وتدخّله وإرادته.
لقد وعد وقال في سِفر إرميا ٢٩: ١٢، ١٣ "تَطْلُبُونَنِي فَتَجِدُونَنِي إِذْ تَطْلُبُونَنِي بِكُلِّ قَلْبِكُمْ فَأُوجَدُ لَكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ"، لا أمان لقرار تتّخذه دون طلب الرّبّ بكلّ قلبك.
وعليك أن تثق في وعده بأن يرشدك لمشيئته طالما أنّك أمين في طاعة تلك المشيئة، لأنّه قال في سفر المزامير ٣٢: ٨ "أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ".
الخطوة الثّانية التي عليك القيام بها قبل أن تختار شريكة حياتك هي أن تعرف ذاتك واحتياجاتك.
يفترض الكثيرون أنّهم يعرفون أنفسهم جيّداً. فكّر في ما هي شخصيّتك؟ وما صفاتك؟ وما عيوبك؟ وما نقاط ضعفك؟ وما نقاط قوّتك؟ ومن هي التي يمكنها أن توازن احتياجاتك؟
الإجابة على تلك الأسئلة تحتاج منك للكثير من التّفكير والوقت والجهد، لا تتجاهلها أرجوك!. كلّما عرفت ذاتك على حقيقتها كلّما كنت أكثر دراية بمن ستكون مناسبة لك. وهذه المعرفة لا بدّ أن تقودك لأن تعمل بجهد على شخصيّتك لتكون أنت الشّخص المناسب لشريكة حياة المستقبل.
كثيرون يركّزون على الغير وينسون احتياجهم للتّغيير والنّضوج. إعرف ذاتك واعمل على تطويرها لتكون زوجاً ناجحاً في المستقبل.
الخطوة الثّالثة هي أن تعرف الآخر على حقيقته دون مواربة أو اختباء خلف الأقنعة.
كلّما قضيتما وقتاً أكبر في التّعارف والاحتكاك معاً دون أقنعة، وكلّما تعرّفتَ على شريكة الحياة المستقبليّة على حقيقتها، وكلّما تعرّفتْ هي عليك على حقيقتك كان القرار راسخاً وسليماً.
تخلّى عن الأقنعة .. كُنْ صادقاً وحقيقيّاً .. وستندهش من مقدار الاستنارة والاطمئنان الذي سيهبه لك هذا الأمر لتقرّر إن كنت ستواصل تلك العلاقة أم لا.