طارت أصابعها على المفاتيح , عيناها تابتتان على الباب , كانت يقظة في تركيزها , نظرت بهلع إلى زوجها عندما أسقط فنجان القهوة , تشدقت ثم قالت : تحاول أن تكون مضحكا , لقد فشلت فشلا دريعا . لقد شعرت أنه يأمرها بأشياء تعجز هي أن
تقوم بها , و تساءلت : هل له الحق في أن يتحكم في حياتها لمجرد أنه زوجها وهي امرأته ؟ ...
وبينما استمر الرجل في الصراخ .. استمرت هي في التفكير, كانت مذهولة بدون كلام, أطرقت برأسها , ثم وقفت ساكنة , تراقب الباب يغلق .. اجتاحت الأسئلة رأسها .. ولم يوقف تلك الأسئلة سوى صوت منبه أحد السيارات , حيت أدركت أنها أمام
المقود .... إنها امرأة تقود سيارتها على الطريق ,متشنجة و متصلبة .
بذلت جهدا كبيرا للسيطرة على الإنفعالات التي ثارت في اوصالها , أوقفت السيارة ثم خرجت منها تبحت عن الحرية , نسيان الغضب و الإذلال , تريد تكسيير القيود .. تكسير الفشل .. فجأة يهمس إبليس في أذنها : ماذا تفعلين ؟ لن تنجحي ..
هذه قدراتك التي خلقت بها .. لن تستطيعي النجاح .. أنت امرأة , مجرد امرأة ..هكذا, و ستظلين امرأة صغيرة , ضعيفة و فاشلة....في نفس الطريق رجل آخر يقود سيارته في الإتجاه المعاكس , وعندما يمر بالمرأة , يفتح نافذة سيارته ويقول : بقرة
بقرة بقرة .. وعلى الفور ترد المرأة : حمار حمار حمار .. تكمل المرأة طريقها وهي سعيدة جدا , لقد كان ردها سريعا و أيضا جريئا . أخيرا استعادت روح الإنتصار...
و حين تصل المرأة إلى منعطف خطير تصطدم ببقرة , كانت تقف في الطريق..!! ومرة أخرى تتكرر الصورة , حينما يأتي إبليس و يقول لها : ألم أقل لك أنت فاشلة , أنظري ., كيف أنت ؟!! الرعب والخوف جزء من شخصيتك ...لن تستطيعي التحرر
منه .. الخوف هو سيدك .. هو من يحركك ... أنت ضعيفة .. آمة . وبينما هي تبكي .. تبكي وتبكي جانب السيارة المحطمة , فجأة تسمع صوت احدهم يقول : سيدت هي هل أنت بخير ؟ .. احمر وجهها , إنه نفس الرجل , نعم .. نفس الرجل , لقد
تذكرته جيدا.. تمتمت ثم قالت : سامحني سيدي .. سامحني , أنا امرأة حمقاء ..و أيضا فاشلة ..تضع يدها على رأسها وتضيف : إنها ترن في أذني أسمعها ! أسمعها .. ! أنا فاشلة .. أنا فاشلة .
تقدم الرجل نحوها و قال : تشجعي سيدتي , إنه مجرد حادث .. أي أحد يمكن أن يقع فيه , أي أحد .. قالت : لا ! أنا امرأة سيئة الحظ , أنا امرأة حمقاء , أنا امرأة ... وتستمر في البكاء..!!. أوقفها الرجل ثم قال : تبالغيين سيدتي !! تبالغين ,
انتصبت واقفة ثم قالت : يا سيدي أنا ضعيفة .. قلت لك ضعيفة.. تتوقف عن الكلام , تجمع أنفاسها ثم تقول : كل شيئ أفشل فيه , زوجي على حق , أناهكذا ,نعم أنا هكذا .. سأظل هكذا .. قال : لا تصدقي .. لاتصدقي ,هي أكاذيب , إبليس يريد أن
يستغفلك , لا تصدقي القيود التي في يدك , إنها قيود بلا قوة .. لا تستسلمي .. لا تستسلمي .. كيف تستسلمي هكذا ؟! و يسوع جاء ..... لأجلك جاء بالحرية ... أرجوك سيدتي قولي لإبليس .. لا .. قولي له .. جاء يسوع ليحررني .. الله لم يعطينا
روح للفشل بل روح المحبة والقوة والنصح .. دمدمت السيدة , وانطلقت الدموع أنهارا تخرج من عينيها , جلست على ركبتيها والبكاء لا يفارقها .. تبكي وتبكي .. صعد الرجل سيارته , وقبل أن يدير المحرك , يسمعها تبكي وتقول : الرب لي فلا أخاف .. ..
الرب لي فلا أخاف .. لست بعد اليوم فاشلة .. لست بعد اليوم كما أسمع .. أنا لست بعد اليوم كما يريدون .. أنا لن .. لن أكون آمة ... أنا حرة.