يحتلّ موضوع الخمر جانباً هاماً وسط المواضيع التي يهتم بطرحها نُقّاد الإيمان المسيحي، وحجّتهم بذلك عن سوء فهم أو عن سوء نيّة، أن الكتاب المقدّس يشجّع على شرب الخمر وعلى السُّكر، فيقومون بطرح موضوع الخمر بصيغة تجميليّة كالسّؤال المطروح أعلاه.
لذا، وبكلّ أمانة وبمحبّة وبكلّ يقين، يهمّنا أن نوضّح لكلّ من يسأل ويستفسر، بنيّة طيّبة أو بنيّة سيّئة، أنّه لا يوجد نصّ صريح في الكتاب المقدّس يُحرِّم شرب الخمر بالمرّة، بل يحذّر الكتاب المقدّس من شرب الخمر من أجل السُّكر، وينصح بعدم استخدامه بطريقة غير صحيحة تضرّ بمن يشربه. مثال على ذلك يقول الوحي في الكتاب المقدّس في رسالة أفسس 5: 17 و18 .
في هذه المقالة سنتناول نقطتين في موضوع الخمر:
استخدام الخمر بحسب الكتاب المقدّس
كان الخمر موجوداً منذ القدم وكان يستخدَم في الطّعام والمداوة، كذلك كان يقدَّم في مناسبات عديدة، كالأعراس مثلاً (إنجيل يوحنّا 2: 1 - 10 . في ذلك الزّمان كان الخمر على عدّة أنواع، وطعمه يختلف باختلاف مصدره ونوعه. أشار الكتاب المقدّس إلى الخمر في كثير من نصوصه وخاصة الذي يُعصَر من العنب، وعصير العنب هذا كان يستخدّم في مجالات عدّة، كما سبق وذكرنا، فهو يستخدم للضّيافة كعصير فاكهة غير مختمرة، أو كخمر بعد أن يتمّ تخميره بالطُّرق المعتمدة في ذلك الوقت كما في الأعراس والاحتفالات، وإلى ذلك كان يستخدَم كدواء طبّي حيث يستعمَل لتطهير الجروح وآلام المعدة وأمراض القلب، مثلاً نقرأ في رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس 5: 23 ، حيث أوصاه بشرب قليل من الخمر من أجل أوجاعه الكثيرة. كذلك كان يُستخدم الخمر في إعداد الأطعمة وخاصّة تلك التي تحضَّر من لحوم الخراف والأبقار، وكان الخمر من الأصناف المميّزة التي تُقدَّم في الولائم والأفراح، إلى ذلك كان للخمر طابع ديني حيث كان يستخدَم في الهياكل والمعابد ويُقدَّم مع انواع أخرى من الذّبائح (سِفر العدد 28: 14 .
التّحذير من سوء استخدام الخمر في الكتاب المقدّس
ولأنّ الإفراط الشّديد في شرب الخمر يؤدّي إلى حالة من السُّكر الذي يخلّ بالتّوازن العقلي للإنسان، فقد حذّر الله في الكتاب المقدّس من شرب الخمر من أجل السُّكر وإشباع الرّغبات والملذّات عند الإنسان. بمعنى آخر، يمكن القول إنّ الخمر مُحرَّم في المسيحيّة إذا أُسيء استخدامه أو شربه بإفراط والإدمان عليه، الأمر الذي يؤدّي بشارب الخمر بطريقة غير سليمة إلى السُّكر، وبالتّالي يؤذي نفسه وقد يسبّب الأذيّة والضّرر لغيره. هناك العديد من النّصوص التي تُنهي عن إدمان الخمر أو السُّكر في الكتاب المقدّس:
ففي العهد القديم من الكتاب المقدّس يقول الله في سِفر الأمثال 20: 1
، وسِفر الأمثال 23: 20 و21
، وسِفر الأمثال 23: 29 - 32
.
وفي العهد الجديد من الكتاب المقدّس، نقرأ تحذيرات من إدمان الخمر والسُّكر، نذكر منها:
* رسالة أفسس 5: 18 .
* رسالة تيموثاوس الأولى 3: 2 و3 .
* رسالة تيموثاوس الأولى 3: 8 .
صديقي القارئ، يجب الحذر من سوء استخدام الأمور والأشياء، سواء كانت شراباً أو طعاماً أو كلاماً أو تصرّفات، لأنّه بذلك نجلب الضّرر على نفوسنا وعلى غيرنا، ونكون قد خالفنا وصايا الله لنا بالحفاظ على أجسادنا وعقولنا من الخطيئة والدّنس والعيوب والذّنوب.