المعونة الثّالثة ـ كُنْ مثمراً
يوحنّا 15: 1 ـ 12 "كلّ غصن فيّ لا يأتي بثمر ينزعه. وكلّ ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر ... كما أنّ الغصن لا يقدر أن ياتي بثمر من ذاته إنْ لم يثبت في الكرمة كذلك أنتم أيضاً إنْ لم تثبتوا فيّ. إنْ كان أحد لا يثبت فيّ يُطرَح خارجا كالغصن فيجفّ ويجمعونه ويطرحونه في النّار فيحترق. بهذا يتمجّد أبي أن تأتوا بثمر كثير .... (ع 16) اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم" |
|
لنوضّح ما أشار الرّبّ إليه. فالرّبّ لم يُشدِّد أبداً على أهميّة الذّهاب إلى الكنيسة بل على أهميّة أن نكون الكنيسة ونذهب إلى العالم. رغم ضرورة المواظبة على الكنيسة بهدف النّموّ الرّوحي، إلاّ أنّها لم تكُن أبداً غرضاً في حدّ ذاته. الإثمار ـ ثمر دائم ـ هو الهدف الأعظم. لا يهدف المؤمنون الذين تغيّروا إلى تشييد الأبنية بل إلى بناء البيئة التي يعيشون فيها بأذهان متجدّدة وثمر لمجد الله. لا تتهاون كلمة الله في تحذيراتها، كونوا مُثمرِين وإلاّ ستُطرَحون في النّار. لذا أكثر ما يتعلّق به الثّمر هو حالتنا خلال رحلة الإيمان، لا أعمالنا، والمسافر بحاجة لأيّ تغيير في الحياة لكي يتحملّها!. لا بدّ من إزالة كلّ المعوّقات!. هناك 3 نقاط للأخذ في الاعتبار في هذا الصّدد ولا بدّ أن تجتمع معاً في إمداد واحد لأيّ رحلة إيمان. النّقطة الأولى تتعلّق بدوافعنا، فإمّا الخوف أو الحُبّ، ومن الضّروري إيجاد توازن بينهما. لا بدّ أن يكون لدينا في المقام الأول ـ كدافع ـ محبّة عميقة لله ومجده، وهذا هو السّبب الرّئيسي الذي بدأنا الرّحلة لأجله. إنّنا في واقع الأمر نجد فرحنا فيه وهو مُمَجّد والثّمر الذي نمتلىء به لن يشبعنا إلاّ إذا عرفنا أنّنا أرضيناه. إنّنا بحاجة أيضاً إلى أن نشعر بخوف من الطّرد أو الاستبعاد. يقول "ديفيد ويلكرسون" عن خوف الرّبّ: }يظنّ البعض أنّ خوف الله ليس أكثر من مصدر إبهار ورهبة. إنّه أكثر من ذلك. رأى "إشعياء" رؤيا عن قداسة الله التي لا توصف. اهتزّت أعمدة أبواب الهيكل عند سماع صوته المهيب. لم تجرؤ السّرافيم حتّى على النّظر إلى مجده المخيف وغطّت وجهها بأجنحتها. الوجود في محضر هذه القداسة العجيبة أبهر "إشعياء" فصرخ: "ويل لي إنّي هلكت ..." (إشعياء 6: 3 ـ 6). هل خرج إشعياء من تلك التّجربة بشعور الرّهبة فقط؟ كلا!، فقد خرج بأكثر من ذلك!. لقد شعر منذ ذلك اليوم بخوف ومهابة من بِرّ الله ودينونته المُقدَّسة!. الخوف والرّهبة والرّعدة من كلمته هو ما ينقص الكنيسة في هذه الأيّام الأخيرة. إذا ارتعدنا من كلمته ـ إذا خفنا حقّاً من قضائه البارّ ومن الإلقاء في النّار كتلاميذ غير مثمرين ـ إذا آمنّا أنّ الرّبّ يعني ما يقول ـ فلن نستطيع ساعتها أن نتجاهل موضوع الثّمر هذا!. كثيراً ما ينظر هذا الجيل إلى الله على أنّه أحد الأجداد الذين لا هَمَّ لهم إلا تدليلهم. لا يوجد مثل هذا الإله!، الله مُحبّ ورؤف ورحيم وطيّب القلب!، لكنّه أيضاً قدّوس، يعاقب الإثم بالقضاء. وحين تعلن كلمته أنّه الزّارع الذي يشذِّب الأغصان ويقطعها بسكّينه، فمن الأفضل أن نصدقّها!. عندما ندرك معنى "أن نكون مثمرين" والنّتيجة المحزنة "للـثّمر العقيم" سيلزم أن نعرف ماهيّة هذا الثّمر!. النّقطة الثّانية للأخذ في الاعتبار هي ما هو شكل الثّمر. نجد في فيلبّي 1: 11 الثّمر الذي نمتلىء به: "مملوئين من ثمر البِرّ الذي بيسوع المسيح لمجد الله وحمده ..." يُعرّف الرّسول "بولس" الثّمر الذي نمتلىء به بقوله إنّ الله يبحث عن البِرّ في شعبه، والقداسة هي الثّمر الذي يمجّد الآب!. ما أبعد هذا عن مفهومنا عن الثّمر!، لقد ظللنا نعتقد أنّ الثّمر هو النّجاح وزيادة عدد المؤمنين وكنائس أكبر وميزانيّات في زيادة مستمرّة. النّقطة الثّالثة الجديرة بالاهتمام تتكلّم عن سرّ الثّمر، أي الثّبات في المسيح. يكتب "ألبرت بارنز" ويقول إنّ النّاس في كلّ مكان يقلّدون الإله الذي يعبدونه. ويُشكّلون شخصيّاتهم وفقاً لشخصيّته والثّمر الذي يأتون به يعكس الإله الذي يتبعونه. لذا بملاحظة ثمر الآلهة التي يعبدها أيّ شعب قد نتمكّن من معرفة شخصيّة الشّعب نفسه، وبالتّالي كما أنّ الإله الذي يعبده المسيحيّون قدّوس فهكذا لا بدّ أن تكون شخصيّة عِباده. كلّما ظهر ثمر القداسة فينا ـ كلّما ظهر فينا كمال المسيح ـ كلّما أصبحنا سماويّين ـ كلّما لمست حياة المسيح أيّ شخص يتعامل معنا. لا بدّ أن نثبت في المسيح لنأتي بثمر. إنّه إمداد إجباري من شأنه أن يحدّد طول مدّة الرّحلة. إنّها مسألة حياة أو موت. |
|
الالتقاء بقادة الكنيسة بفيتنام تجربة فريدة من نوعها، مثل الرّقص مع الجمال. هناك شعور مهيب يسود المكان وإدراك عميق أنّك لا بدّ أن تكون متيقّظاً روحيّاً لتستوعب كلّ كلمة وكلّ تعليم عن الصّليب. أحد الأسئلة التي نعتاد دائماً على طرحها تشير، إلى نموّ الكنيسة والدّروس التي من الممكن أن نتعلّمها من أولئك الذين لا يتمتّعون بحريّة الكلام علانية. "كيف تثمرون وكلّ شيء حولكم يمنعكم من ذلك؟" كيف يمكنهم عيش التّعليم الكتابي الموجود في يوحنّا 15 وليس عندهم الحريّة لعمل ذلك؟ كانت إجابة القسّ "فين" بسيطة للغاية: "اِغْرس الجذر تحت والثّمر يظهر بأعلى". عندما يقوى الاضطهاد فالجذور لن تقلق ساعتها بشأن الثّمر. |
|
"إذا لم تكن لديك رغبة قويّة بإظهار مجد الله فذلك ليس بسبب أنّك أفرطت في الشّرب وشبعت بل لأنّك تمهّلت طويلاً على مائدة العالم فحشوت روحك بأمور صغيرة وأصبح لا يوجد للأمور العظيمة مكان" جون بايبر |
|
ربّي الحبيب، قد يتمتّع البعض بغنى أو ثروة، قد يتنعّم البعض بلبس الحرير وبالشّهرة الواسعة لكن مسرّتي أن أتمسّك بالفرح الذي أجلبه لك بالثّمر الذي يرضيك. ارحمني كي أكون قدّيساً كما أنت قدوس. |